طقوس عاشوراء.. أحياء تحت القصف وأخرى محاصرة بالنيران
محمد منفلوطي_ هبة بريس
أحياء سكنية وشوارع وأزقة وساحات تحت قصف الشهب النارية وشتى أنواع المفرقعات، وشباب وكثير من المراهقين يقطعون الطرقات والممرات ويعترضون سبيل المارة بالنيران الملتهبة المشتعلة بالعجلات المطاطية يسحبونها بين الأزقة والشوارع، وآخرون يستفيقون صباحا على مشاهد أذهى وأمر من قبيل رش المواطنين الأبرياء بكميات من المياه تارة تكون ملوثة وتارة تشكل خليطا متجانسا مع المياه الحارقة ” الماء القاطع” أو بزلال البيض…
ليلة مشتعلة بنيران العجلات المطاطية، بين كر وفر، ورجال أمن وسلطات محلية وأطقم طبية ورجال الوقاية المدنية، الكل في حالة استنفار، والسبب هو مواجهة تلك الطقوس الغريبة العجيبة تحت ذريعة الاحتفال بعاشوراء…
لتقريب الصورة أكثر، رصدت كاميرا هبة بريس من قلب مدينة سطات على سبيل المثال، مشاهد وصور مؤلمة ومزعجة ومرعبة، لمراهقين ” دون استحياء”، ودون احترام حق المواطنين في التنقل والتجول والاحساس بالأمن، فعاثوا في الأرض فسادا، فنصبوا الحواجز النارية وقطعوا بعض الطرقات والشوارع وخاصة ببعض الأحياء السكنية الشعبية، وبدت هذه الأخيرة وكأنها تعيش حالة حرب بسبب أصوات الطلقات والمرفقعات والصواريخ، دون أدنى احترام لمريض يئن فوق فراش المرض، ودون أدنى تقدير لمرأة حامل أو طفل صغير ترعبه الأصوات المزعجة…
مرت الليلة بسلام، واستفاق الجمع صباحا ليحصي خسائرها سواء المادية أو النفسية أو الصحية، وتحولت المجالس إلى موائد لنقاش الظاهرة والتنديد بها، وبين مطالب بالضرب بيد من حديد على هؤلاء المراهقين العابثين بأرواح المواطنين..
نعم، استفاق الجمع، على مشاهد أخرى في يوم تهدر فيه المياه ونحن نعيش زمن العطش، هي حرب مائية بامتياز إذن، يُعترض فيه سبيل المارة وخاصة الفتيات منهن والنساء، عبر تعريضهن لحصص من المياه دون مراعاة لحالتهن الصحية والنفسية، كأسلوب للتحرش بهن وسماع استعطافهن وتوسلاتهن للمرور سالمات من ماء قد يربك زينتهن كلها، مستعملين في ذلك المياه الملوثة وزلال البيض والماء القاطع، ليتنهي المشهد غالبا إلى مشادات ومشاحنات تخلق أجواء من السـباب والشتائم والتظلمات والشكاوى بين الناس وبين الجيران.
انتهت الليلة المرعبة، واستفاق الناس على يوم جديد، تشد فيه العديد من الأسر والعائلات الرحال صوب المقابر، هناك، تكمن فوضى أخرى من نوع آخر، اكتظاظ وازدحام وتدافع، ودراجات نارية من مختلف الأنواع في سباق محموم لنقل الزوار بينهم نساء وشابات وحتى الأطفال الصغار…، اختاروا اليوم ذاته للترحم على موتاهم، لكن الطريقة هذه لا تخلو من بين البدع والطقوس الخرافية.
غير بعيد من مكان التجمعات، رصدت الجريدة، دوريات للدرك الملكي والأمن الوطني، وهي مرابطة بمختلف نقاط التماس للعمل على تنظيم حركة السير بفعل الاكتظاظ الغير المسبوق” مقبرة الطويجين نموذجا”.
ليبقى السؤال قائما يُسائل كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، مفاده : متى سيصحو الضمير، ونتخلص من هكذا مشاهد تدمي القلب؟