الناظور تحتفي بالسينما ووعد بمستقبل ثقافي
هبة بريس – محمد زريوح
اختتمت فعاليات النسخة الأولى من أيام السينما العمالية في مدينة الناظور، التي نظمها الاتحاد الإقليمي لنقابات الناظور تحت شعار “جميعا من أجل إنشاء مركب سينمائي وفني يليق بمدينة الناظور”. هذا الحدث الذي استمر على مدار ثلاثة أيام، حمل رسالة ثقافية وفنية تهدف إلى تعزيز دور السينما كوسيلة لإثراء الحوار الثقافي وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والإنسانية. وقد شهدت الفعالية تفاعلًا كبيرًا من الجمهور واهتمامًا واسعًا من المهتمين بالشأن السينمائي.
اليوم الثالث من التظاهرة تميز ببرنامج متنوع بدأ بعرض الفيلم القصير “وجهان لحياة واحدة” للمخرج محمد بوزكو، وهو عمل فني تناول قضية الهوية والازدواجية في حياة الإنسان بأسلوب سينمائي عميق. الفيلم نجح في إثارة حوار مفتوح بين الحاضرين، حيث تمت مناقشة الرسائل التي يحملها الفيلم وعمق القضايا التي يعالجها. الحاضرون أشادوا بجودة الإخراج والإبداع الفني، مما أضفى على الجلسة بعدًا فكريًا أثرى النقاش حول السينما كوسيلة للتعبير الإنساني.
استكمالًا للبرنامج، عُرض الشريط الوثائقي “مورا بوشكاد” للمخرج خالد الزايري، الذي نقل عبر كاميرته صورة مؤثرة عن حياة العمال المهاجرين ومعاناتهم اليومية. بأسلوب سردي بسيط ومؤثر، تمكن الفيلم من لمس قلوب الجمهور وإثارة نقاش حول القضايا التي يواجهها العمال المهاجرون في رحلتهم للبحث عن حياة كريمة. الحاضرون ناقشوا الأبعاد الاجتماعية والإنسانية لهذه القضية، مؤكدين على أهمية تسليط الضوء على مثل هذه الموضوعات من خلال الفن السينمائي.
في خطوة لتعزيز روح الاعتراف والامتنان، خصصت الفعالية حفلًا لتكريم الشخصيات التي ساهمت في إنجاح هذه التظاهرة الثقافية. تم الاحتفاء بمخرجين وفنانين وفاعلين ثقافيين وأساتذة جامعيين تركوا بصمتهم على الساحة السينمائية بالمنطقة. من بين المكرمين كان المخرج محمد بوزكو، المعروف بأعماله التي تعكس قضايا الهوية والمجتمع، والمهندس سعيد بندحمان، الذي ساهم بشكل فعال في دعم الفعالية. كما تم تكريم الإعلامي محمد العبوسي، أحد الوجوه البارزة في المشهد الثقافي بالناظور، إلى جانب مجموعة من الأساتذة والمهنيين الذين شاركوا في تأطير وتنشيط النقاشات.
في أجواء احتفالية مميزة، اختتمت الفعالية بحفل شاي نظم بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالناظور، حضره نخبة من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية. هذا اللقاء الختامي كان فرصة لتبادل الأفكار والانطباعات حول الأيام السينمائية، حيث أشاد الحاضرون بحسن التنظيم وجودة الأعمال السينمائية والنقاشات التي أثرتها.
مع نهاية النسخة الأولى من أيام السينما العمالية، أعرب المنظمون عن اعتزازهم بنجاح الحدث وتحقيق أهدافه الرئيسية، المتمثلة في تعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي من خلال السينما. وأكدوا على أهمية العمل على إنشاء مركب سينمائي وفني في الناظور يلبي تطلعات الساكنة ويعزز من المشهد الثقافي للمدينة. كما جددوا التزامهم بمواصلة تنظيم مثل هذه التظاهرات التي تساهم في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع.
أيام السينما العمالية في دورتها الأولى كانت أكثر من مجرد حدث ثقافي؛ لقد كانت فرصة لتسليط الضوء على قضايا إنسانية واجتماعية مهمة، ولإبراز دور السينما كأداة لتغيير الواقع وتعزيز الحوار. هذا الإنجاز يفتح آفاقًا جديدة أمام مدينة الناظور لتصبح مركزًا ثقافيًا وفنيًا يحتضن الإبداع ويعكس تطلعات أهلها.