بعد مقال هبة بريس … تحقيق إداري يشد الخناق على مقالع الموت بتطوان (فيديو)
هبة بريس _ يسير الإيحيائي
في خضم التغيرات والمستجدات التي يعرفها ملف مقالع “الزينات” بتطوان، خصوصا بعد مقال نشره موقع “هبة بريس” عن ضرورة إجراء تحقيق في كمية المتفجرات المستخدمة في ذات المقالع وتأثيرها الكبير على الحياة بصفة عامة، تحركت عمالة تطوان بتعليمات من وزير الداخلية وعامل الإقليم وبتنسيق مع جميع الإدارات المتداخلة في الترخيص لهذه الكيانات التي تدمر البيئة والطبيعة والإنسان والحيوان دون إكتراث بالعواقب والسلبيات.
وحيث أن مقال “هبة بريس” تطرق بموضوعية إلى خطر المتفجرات والغبار المتطاير بسببها فوق الدواوير والسدود والأودية دون أن تتدخل السلطات المعنية لإيقاف هذه الجرائم التي يعاقب عليها القانون وتحمي رعايا جلالة الملك من خطر التلوث والأمراض المزمنة الناتجة عنه بسبب العشوائية والإفراط في إستخدام المواد المتفجرة، أعلنت عدة هيئات جمعوية وحقوقية إصطفافها ضد مافيا المقالع المحصنة في وجه العموم ولا يسمح لأحد بزيارتها والوقوف على طريقة إشتغالها المشبوهة.
وعندما نتكلم عن هذه المقالع نتكلم عن أسرة معينة معروفة لدى الشارع التطواني فضلا عن علاقة مصاهرة مع مقاول آخر يمتلك مقلعا مجاورا لتكتمل الصورة الحقيقية للإحتكار والريع وإستنزاف مقدرات الشعب وسلامته بعيدا عن دفاتر التحملات الموقعة بين السلطات والمستثمرين.
إنها المتفجرات وما أدراك ما المتفجرات، فقد لا نخجل إذا ما قلنا أن ساكنة “الزينات” تعيش رعب ومأساة ساكنة قطاع غزة منذ سنين ، فهل يعقل أن ينتفض العالم بأسره ضد إسرائيل في عدوانها على القطاع خلال أشهر فقط، وتُصمّ الآذان عن ساكنة “الزينات” لعقود من الزمن؟، فالمقالع المعنية كلها خروقات يجب محاسبة المسؤولين عليها وأولهم وزارة الطاقة والمعادن التي رخصت إستعمال المتفجرات قريبا من أعمدة التيار الكهربائي العالي التوتر، لا بل الأخطر من ذلك وجود المقالع قرب سدي “الشريف الإدريسي” و “النخلة” اللذان يزودان المدينة وضواحيها بالماء الصالح للشرب .
وعلى ذكر الماء الشروب كذلك لا بد لنا أن نشير في هذا الجانب أن مياه السدود المجاورة والوديان يجب أن تخضع للتحاليل المخبرية اللازمة جراء الإنتشار المكثف للغبار الناتج عن التفجيرات العشوائية والمفرطة من طرف أصحاب المقالع ، وهي دعوة كذلك لوزارة التجهيز والماء بتكثيف المراقبة واعتماد آليات جديدة لرصد مستوى التلوث المائي بمادة “الأمنيوم” القاتل.
وبين هذا وذاك وحسب المعلومات المتوفرة لدى “هبة بريس” فملف المقالع ب”الزينات” فوق طاولة عامل الإقليم “المنصوري” الذي شكل لجينات من مختلف القطاعات للوقوف على مدى خطورة الأضرار المرتبطة بالإستغلال الجائر الذي طال البشر والشجر والحجر مع توصيات برفع النتائج التي ستخلص إليها المعاينات الميدانية،
إن القوانين الإلهية والوضعية تلح وتشدد على ضرورة إحترام الحياة بصفة عامة وتحرم حتى الاستهتار بها تحت أي ظرف من الظروف، فكيف يسمح لهذه المقالع التي تجني أرباحا طائلة أن تعبث بأرواح الآلاف وتهجرهم قسرا نحو مناطق أخرى وهم الذين عمروا تلك الدواوير وسكنوها لمئات السنين؟ فالدخيل هو من يجب أن يغادر وليس العكس.
فما الذي إستفادته الساكنة من هذه المقالع الهدامة سوى الأمراض ونفوق الماشية وهلاك الأرض والنسل، فالأجدر أن تتحرك بدورها وزارة الصحة العمومية لتحصي عدد الأمهات اللائي تعرضن لإجهاض تلقائي جراء قوة التفجير وحجمه.
ويبقى السؤال المركزي والمحوري الذي يوجه للسلطات باختلافها هو هل تستجيب رزمة القوانين التي سطرتها الدولة المغربية لحماية البيئة والإنسان وأبرمتها مع مقالع “الزينات” بموجب دفتر التحملات الذي يبدو أنه حبر على ورق ولم يحقق في واقع الأمر سوى %20 أو %30 من مجمل ما يمكن أن يتحقق وسط تقاطع كبير للمصالح الخفية والإمتيازات التي يحظى بها البعض على حساب الصحة العامة.